فذلكة تاريخية حول لغز الباب المسدود في الكعبة المشرفة
يمنات
حسين الوادعي
أثارت صورة الكعبة المشرفة وقد خلعت الريح كساءها الجميل، واظهرتها كما هي بحجارتها السوداء الصماء والباب الصغير المسدود في أحد أركانها اهتمام المسلمين شرقا وغربا.
وكان الجواب الذي انتشر جوابا على لغز “الباب المسدود” إنه الباب الذي استحدثه عبد الله بن الزبير سنه 64 هجرية، ثم سده الحجاج بن يوسف عندما اقتحم الكعبة ودمرها وقتل عبد الله بن الزبير سنة 73 هجرية (693 ميلادية ).
لكن هذا الجواب مستحيل من الناحية التاريخية، وخاطيء من الناحية العلمية، لأن بناء الكعبة الذي شاهدناه في الصورة قبل يومين ليس نفس البناء الذي استحدثه عبد الله بن الزبير بل بناء جديد تماما استحدث بعد ذلك بحوالي 950 سنة.
لأشرح ما أقصده يجب أن نفرق بين التاريخ المقدس والتاريخ الزمني لمكة.
التاريخ المقدس يدعي ان بناء الكعبة الذي ندور حوله اليوم في الحج هو نفس البناء الذي اقامه النبي ابراهيم.
لكن التاريخ الزمني يقول ان الكعبة تهدمت عشرات المرات من بينها 4 مرات على الأقل بعد الإسلام. وأن البناء الحالي للكعبة لا يتعدى عمره 400 سنة وربما أقل من ذلك بكثير..
* المرة الأولى سنة 64 هجرية على يد يزيد بن معاوية الذي قصف بن الزبير المحتمي داخل الكعبة بالمنجنيق حتى دمرها. ثم أعاد عبد الله بن الزبير الكعبة مستحدثا الباب الذي توهم البعض أنه نفس الباب المسدود الذي ظهر في صورة الأمس.
* لكن هذا خطأ كبير لأن كعبة بن الزبير هدمت مرة أخرى بعد أقل من عشر سنوات على يد الحجاج بن يوسف.
* واذا كنتم تظنون ان بناء الكعبة الذي نطوفه اليوم هو نفس كعبة الحجاج فهذا غير صحيح ايضا، فقد تعرضت الكعبة لتهديم ثالث على يد القرامطة سنة 317 هجرية ( 930 ميلادية).
ورغم أن الكعبة لم تدمر كليا في هذه الحادثة الا انها تضررت كثيرا ونهب القرامطة الحجر الاسود واعيد ترميم الكعبة ترميما كاملا.
* لكن الكعبة التي نطوف حولها اليوم ليست نفس الكعبة التي نجت من القرامطة، فقد اكتسح سيل قوي مكة وسبب شروخا في جدران الكعبة واساساتها قبل 4 قرون.
وعندما فكر الخليفة العثماني في هدم الكعبة وبنائها من جديد نصحه العلماء ألا يفعل خوفا من رد فعل الناس، فقام بتزويدها بدعامات واعمدة لم تصمد طويلا وانهار بيت الله الحرام.
* امام هذه الحقيقة أعيد بناء الكعبة عام 1630 ميلادية. وإذا كانت كعبة اليوم هي نفس الكعبة العثمانية فإن عمرها لا يزيد عن 400 سنه. ولغز الباب المسدود لا يعرف تفسيره إلا المقاول العثماني الذي قام بإعادة البناء!
لكن هناك احتمال أن الكعبة تعرضت لتصدعات خطيرة مرات أخرى بعد ذلك التاريخ، والسبب في ذلك انها مبنية وسط وادٍ يتعرض لسيول قوية في موسم الأمطار، كان من اقواها السيول التي غمرت بناء الكعبة حتى منتصفه في ستينيات القرن الماضي.
وربما اضطرت السلطات لترميم الكعبة مرة أخرى أو إعادة بنائها من جديد (دون أن تعلن ذلك للجماهير)
* هناك حادثة قريبة لم يتنبه الناس إلى انها قد تحمل تفسيرا للباب المسدود في الكعبة وهي حادثة اقتحام جهيمان العتيبي للكعبة مع 300 من أنصاره عام 1979.
فشلت كل محاولات «الحرس الوطني السعودي” وقتل العشرات منهم دون تحقيق الهدف..واضطرت السلطات السعودية إلى الاستعانة ب”الطير الابابيل” لحماية الكعبة!!
والطير الابابيل هذه المرة لم يأتوا من السماء وإنما من فرنسا عبر “القوات الخاصة الفرنسية” التي ستنجح في اقتحام الحرم المكي في معركة دامية قتل فيها معظم أنصار جهيمان وتم اعتقاله.
وهناك احتمال أن الكعبة المشرفة تعرضت لأضرار كبيرة في عملية الاقتحام، وفي هذه الحالة قد يكون لغز الباب المسدود مرتبطا هذه الحادثة.
انتهت الفذلكة التاريخية التي أردت فيها التفريق بين التاريخ المقدس والتاريخ الزمني لاقدس بناء في الإسلام.
نسأل الله تعالى ان يبلغنا حج بيته المعظم، وأن يحمي بيته بقدرته هو العزيز القدير القوي ارحم الراحمين.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.